قصص و روايات

رواية.. فتاة يائسة (الجزء العاشر)

فلم تعرف سوسن بماذا تجيبه فما كان منها الا ان اقفلت هاتفها ..واستسلمت لذكرياتها القديمة ..فها هو زوجها الاول يتراءى الى ذهنها كوحش اخترق مشاعرها ..ما اصعب الخيانة ..ودفع ثمن لذنب لم نرتكبه ..ثم تذكرت زوجها الثاني الذي توفي تاركا اياها وحدها تغوص في بحر الضياع والوحدة ..فعلى الانسان ان يتذكر الموت حين يقوم بتلاوة وعوده فربما يقطع عليه الطريق ..رحمه الله ..لا ذنب له بما حصل ..وتدخلت قوة الموت القاهرة لتمنعه عن تنفيذ وعده ..اما ذاك العجوز فلا بد انه كان مريضا بداء ادعاء الشباب.

فقد تزوج بامرأة في مثل سن اولاده ليثبت لنفسه انه لا زال شابا بالقوة ..وخجلت الشباب عن تقمص الغيرة والشكوك التي كانت تعتريه ..والآن ماذا عن مروان ..انه يشكل نافذة الأمل لها لتعبر في هذه الحياة وتعود زوجة اخيها الى منزلها وتعفيها من تحمل مسؤولية الذنب الذي تلبسها رغما عنها ..فهي تشفق جدا على اخيها الذي شعر بالضياع بعد رحيلها على الرغم من نفسيتها المريضة ..وربما لو كانت مكانها لتصرفت مثلها ..ولكن كلا هي ليست كذلك وستعذر كل من يتعرض لظروف اقوى منه ..فحملت هاتفها مجددا واتصلت بطالبها معلنة عن موافقتها بالزواج منه عله يكون الزوج الأخير في حياتها ..ففرح الأخير وذهب ليخبر امه فقالت له: هل انت مستعد لخوض تجربة ثالثة ..

فقال :التي ساخوض تجربتي معها ساكون انا بالنسبة اليها التجربة الرابعة ..

فردت يدها الى فمها مستنكرة قائلة: ويلي ..اتريد ان تتزوج بامرأة تزوجت قبلك ثلاث مرات

فابتسم وقال :وانا فرح جدا لذاك

قالت له: هل نفذت فتيات هذا الكون ..كلا والف كلا ..

قال لها: ولكن يا امي عليك ان تقدري ظروفها فانا قد مررت بما مرت به ..

قالت له: ولكنك رجل ..حتى لو تزوجت عشرات المرات لا تلام ..هي امراة ويكفي ان تجرب حظها مرتين لتكتفي وتستلم لواقعها ..يبدو انها نذير شؤم ارجوك لا تحضرها الى منزلك وكف عن هذا الجنون ..

قال لها: عن اي جنون تتحدثين ..

قالت له: الا يكفي ثرثرات الناس ..اقسم انهم سيقاطعوننا ان فعلت ذلك ..

قال لها: وهل كان الناس الى جانبها وجانبي حينما شعرنا بالالم ..هذه حياتنا ولا دخل للناس بها ..الناس سيتكلمون مهما فعلنا ..

قالت له: لم تقنعني كلماتك تلك ..فاستيقظ من احلامك وطأ برجلك ارض الواقع ..هل فكرت باولادك منها ماذا سيكون مصيرهم ..

قال لها: تقصدين الفتيات طبعا.. لا تخافي فلن ازوج ابنتي من رجل معقد يستسلم لكلام الناس. وترهاتهم ..

قالت له: يا مروان انت مقدم على خطوة ثقيلة جدا على مجتمعك فلا تهلك تفسك وتهلكنا معك .

قال لها: ربما يكون الخلاص في الزواج منها ..الامر سيان بالنسبة الي ..وان لم نتفق فنتطلق .

قالت له: وهل تقوى على ذلك ..

قال :نعم ..فلا تكوني العائق الوحيد امامي ..ارجوك ..

فلوحت يدها في الهواء راسمة بريشة استنكارها رقم ثلاثة ..

فرد عليها بريشته مؤكدا انهن سيصبحون اربعة ..

فقالت له :لا بد وان العيب بها والا لما تزوجت ثلاثة مرات ..ووافقت على الرابع .

قال لها: ربما يكون حظها هكذا ..ومن حسن حظي انني التقيت بها ..

قالت له: على رسلك ايها المجنون فكر مليا في الامر ..

قال لها :لقد فكرت وانتهى الأمر..

وبعد فترة ليست بقصيرة تزوجت سوسن من مروان الذي احسن معاملتها ..وظلت الناس تعزف سيمفونيتها الخرقاء على مسامعها انها امرأة مجنونة غير مقدرين الظروف القاسية التي مرت بها ..حتى ان والدة زوجها كلما سمعت كلاما هنا وهناك تأتي كاللبوءة وتزأر في اذن ولدها: لقد اصريت على جعلنا مسلسلا مسليا تتناوله الالسن ..

فكان يجيبها :غدا سيبتلى احدهم بظاهرة جديدة وسينسون امرنا ..

فكانت تقول له: ولكنها ظاهرة دسمة ولن ينسوننا ..

فكان في كل مرة يسألها :هل ازعجتك المسكينة بتصرف ما .

فكانت تجيبه :لا هي امرأة حريصة علي ..ولا تزعجني ..ولكن الناس يزعجونني بنظراتهم لي …اشعر انني لا اريد ان ارى احدا ..فتعليقاتهم السخيفة ..

وفي كل مرة يقاطعها: انا مرتاح معها وهي ام جيدة لاطفالي.. وزوجة مثالية لي ..

وذات يوم عاد الى منزله ليجد زوجته غارقة بدموعها فسالها عن السبب فقالت له: لقد تشاجرت اليوم مع اقاربك ..ونعتوني بصفات اقسم انها بعيدة عني ..لقد تزوجتك بداية لانك الامل الذي انقذني من عذاب الضمير تحاه اخي وزوجته ..ولكني الآن احبك .

فقال لها بصوت حنون :لا تردي على تعليقات احد وتخطي هذه المرحلة من حياتك ..

فقالت له: اخشى ان افقدك ..فقد تموت من لعنة حظي ..

فضحك وقال :لا تقلقي ..فعندما يحين. موعد رحيلي لن ينتظر الله لعنة حظك ..وسيكون سببا طبيعيا ..وربما تموتين قبلي ..والحق بك من الحزن عليك ..

فابتسمت وقالت :

حفظك الله من كل سوء يا زوجي العزيز

اترك تعليقاً

انت تستخدم اداة مانع الاعلانات

لتستطيع تصفح الموقع بسهولة من فضلك اغلق اداة مانع الاعلانات