قصص و روايات

رواية.. ما كان عليّ أن اسمع لها

ها أنا ذا، أهم بالخروج من ذلك الباب الخشبي الأزرق العتيق مددت يدي لأفتح الباب وإذا بي اصطدم بتلك العتلة المعلقة عليه وخدشت أظافري التي يكسوها السواد، وبين طيات السكون الهادئة صدح صوته الذي تقشعر له الأبدان وكل شخص في الشارع يناظرني والتساؤلات تحوم حول رأسه ما هذا الصوت؟ لماذا لا يصلحوه؟ ما خطب هذا الوجه الشاحب المسود؟ عندما انظر لأولئك الأشخاص ذوي التساؤلات ينتفضون رعبا وتقشعر أبدانهم وهم يتحاشون التقاط نظراتي. خطوت أولى خطواتي عبر الجسر المعلق في المدينة ونسائم الهواء تداعب شعيرات جسدي العاري تقريبا.

وانا انظر لتلك الشجيرات الصغيرة والبقع الحمراء المنتشرة عليها وارى الأطفال يتهافتون إليها والابتسامات تشق وجوههم البريئة ومن لاح لهم ظلي اختبؤوا في جحورهم الضيقة ويتلصقون بين بعضهم البعض لكي يهجموا علي بتلك الحجيرات الصغيرة، ركضت والدمع يسيل من عينيّ الحالكتين بدمائي الجامدة عليها والحرقة بها تعذبني وأقول في نفسي لماذا؟ لماذا يفعلون هذا بي؟ الست أحد الأطفال؟،لا أحد يلعب معي والجميع يتحاشاني ولا أملك أي ذرة في هذا العالم حتى إنني لا أملك المال، ولا طعام، ولا لباس أنني حافي القدمين حتى امشي وخطواتي تشب لهبا والأشواك تخترق قدميّ السوداوان.

توقفت فجأة قرب الشجرة الصفراء وبجانبها جذع يابس

نظرت في الأفق الأزرق قرب الأشجار اليابسة رأيت رجلا يحمل في يده أسنان تمساح في كلتا يديه يبتر الأشجار وكأنها قطعة كعك وصوت تكسر الأجذاع كأنها تبكي وتقول أنت هناك أعلم أنك تسمعني أنقذني من هذا السفاح أنه يقاطعني يقطعني وصوتها يبدأ في الخفوت شيئا فشيئا.

جلست بجانب الجذع الأصفر انظر إليه ولهيبه الأصفر المتوهج مع أشعة الشمس الحارقة نزلت من على جفني قطرات من العرق وسمعت صوتا منهك وضعيف أظن أنها عجوز طاعنة في السن: ماذا بك يا بني؟ هل أنت مصاب؟ ما خطب ذلك الجمود في عينيك وأنك لا تهتم لقطع رأسك بعد قليل؟ أجبتها، وما الخطب في اقتلاع ذلك الورد الأسود إن لم يكن أحد يحبه يجب اقتلاعه لأنه يعتبر ضارا من حيث الشكل والمنظر أنت تتحدثين وصوتك منهك من طول السنين وأنا أتحدث وصوتي منهك من كثرة الاضطهاد والإجبار والمعاناة هل أنا مخطئ أن تمت ولادتي وانا مختلف أم أن الاختلاف في هذا العالم ظلم وهو ارتكاب فاحشة أمام الرب دعيني أسألك إذن بما أنك عجوز كبيرة هل يوجد رب حقا؟

العجوز وصوتها يخفت بوتيرة خفيفة: نعم يوجد

الصبي: أين هو أنا لا أراه… إن كان موجودا حقا فيجب أن تعلمي أين هو.

العجوز: أنا أعلم ذلك أيضا… امشي على طول الجانب الغربي من هنا ستجد بئرا قديمة بجانبها كوخ عتيق اذهب إلى هناك والتقط هذه القطعة الملقى بجانبك وألقِها في البئر. الصبي: وما الهدف من ذلك؟

العجوز: أنت تريد مقابلة الرب أليس كذلك… هذه هي الوسيلة الوحيدة.

الصبي: حسنا نهض الصبي بصعوبة بالغة وهو يسمح ذلك الدم الجامد على عينه وقدمه المملوءة بخزعات الأشواك من الأرض والألم يملؤها بدأت تتقيح تلك النقاط الحمراء.

الصبي: نعم وأخيرا وصلت إلى البئر الذي تتحدث عنه تلك العجوز سوف أتفقد الكوخ أولا.

المرأة بالداخل جالسه في كوخها بسكون وتتمتم ببعض الكلمات وتنظر إلى النار وتلقي عليها بعض الغبار الأزرق وابتسامة مخيفة تعلوا وجهها.

الصبي في الخارج يطرق الباب بطرقات متفرقة وهو يقول هل يوجد أحد؟

السكوت يعم المكان

تقدم الصبي… فتح الباب بهدوء واحتكاكه ببعضه يكسر الصمت…يبدو أنه لا يوجد أحد… حسنا إذا سألقي هذا الشيء في تلك البئر وسوف ألقى الرب وأظن أن الرب يحقق الأمنيات.

تقدم الصبي إلى البئر القديمة ونظر إلى جوفها العميق وصرخ بكلمات بسيطة أيها الرب هل أنت موجود؟ أنا أريد أن تحقق لي أمنية وأمنيتي هي أن أصبح شخصا يحبه الجميع. ألقى الفتى القطعة التي التقطها بجانب تلك الشجرة الصفراء في تلك البئر القديمة.

وقف الصبي قرابة الساعة واقفا ينتظر خروج الرب المزعوم من تلك الفوهة المظلمة ولكن لا فائدة فلا يوجد أي أثر لوجود شيء بداخل والاضطراب بدأ يشق طريقه في قلب الصبي الهش.

الصبي والغيض يملؤه:يبدوا أنه لا يوجد رب… حسنا إذا أمنيتي لن تتحقق ولن أكون ذو محبة بين الناس.

شرع الصبي بالذهاب لداخل الكوخ العتيق والهم يثقله والألم يعذبه من أن خطى أولى خطواته بالداخل تصور له ضباب ذو لون اسود وسوائل لزجة تجول بين قدميه التفت للخلف ليرى إن كان مسعاه قد وصل.

نظر لذلك الشكل المهيب ذا جناح اسود وآخر ابيض والابتسامة تعلو وجهه بمجيء زائر غير متوقع وقف الصبي ينظر له العجب ينخر جسده.

الصبي: أظن أن الرب قد وصل.

خطى بخطوات متثاقلة عبر تلك السوائل اللزجة وهو يتمتم ببعض الكلمات المعتادة”أريد أن يحبني… أريد أن يحبني.”

تقدم لذلك الشكل ومد يده السوداء العارية عبر الدخان المتبعثر في المكان وعبر من خلاله

صوت صدى عميق

يبدوا أن هناك زائر من أجلي حسنا إذا أريد أن احتضنك الآن لشكرك على قدومك.

واختفى الصبي في تلك السوائل اللزجة….

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق

انت تستخدم اداة مانع الاعلانات

لتستطيع تصفح الموقع بسهولة من فضلك اغلق اداة مانع الاعلانات