كان ذلك واحدًا من العناوين البارزة على صفحات المواقع ومنصات التواصل خلال الآونة الماضية، والتي ادَّعت بشكل مؤكد زواج رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك من روبوت تُسمى «كاتانيلا».
وتضمن الخبر صورًا لماسك رفقة زوجته الجديدة، وهما يرقصان معًا، إلى جانب تفاصيل أخرى عن الروبوت بأنها تعمل بالطاقة الشمسية دون الحاجة إلى شحنها، ومزودة بوسائل حسية تجعلها تشعر بالحزن والسعادة.
وكعادة تلك الأخبار، تبين في وقت لاحق من نشرها أنها مُفبركة تمامًا، ولا أساس لها من الصحة، بل إن نطاق انتشارها لم يتعد المنصات والصحف العربية فقط، وإنها منتجة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي ونشرها حساب متخصص عبر فيسبوك.
وكان آخر ارتباط لاسم ماسك بمجال «الروبوتس» في أكتوبر/تشرين الأول 2022، حين أعلن عن نموذج أولي لروبوت من إنتاج شركة تسلا شبيه بالبشر، ولكن هذا النموذج كان يسمى «أوبتيموس» وليس «كاتانيلا».
القصة السابقة بطبيعة الحال ستطرح تساؤلات منطقية: ما مدى تأثير تلك الإنتاجات على الجمهور المتابع؟ وكيف تُنتج تلك الصور بتقنيات الذكاء الاصطناعي؟ والأهم هو كيفية النجاة من تلك الفبركات المحترفة؟
فبركات مختلفة
لم تتوقف الصور المنتجة بالذكاء الاصطناعي عند حد «إيلون ماسك»، بل امتدت أيضًا لتصل إلى الملك «تشارلز الثالث»، الذي انتشرت صور له وهو يرتدي ملابس خارج البرتوكول الرسمي للعائلة الملكية، مُدعية أنها من حفلة خاصة لتتويجه ملكًا لبريطانيا مؤخرًا.
وكانت تلك التقنيات حاضرة أيضًا، في أعقاب الأخبار التي تنبأت باعتقال الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب»، حيث انتشرت له صور، ادعت وقتها إلقاء القبض عليه من قبل قوات الشرطة الأمريكية، في مشاهد وقع في فخها عدد من وسائل الإعلام الشهيرة.
وتطورت الأمور قليلًا بالتزامن مع ظهور عدد أكبر من أدوات إنتاج الصور، حيث وصلت لنشر صور غير قابلة للتطبيق في الحقيقة، وعادة ما تُنشر على سبيل الكوميديا، مثل: «موسم حصاد المكرونة في إيطاليا»، والتي لاقت تداولًا واسعًا أيضًا خلال الأشهر الماضية.
بالطبع لا تقتصر النماذج على تلك التي ذكرناه، إذ إن الأمر لا يحتاج منك سوى دقائق قليلة من البحث لتجد مزيدًا منها، وذلك في حالة أنك لم تتعرض لها عبر الحسابات والمواقع المختلفة، كما أنك لست بحاجة أيضًا للتأكيد على أن تلك الصور وغيرها مفبركة وغير حقيقية تمامًا.
كيف تُنتج الصور؟
بمواصلة البحث عبر محرك البحث غوغل، فإنك ستُصدم من وجود المئات من الأدوات التي تنتج الصور باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، فالأمر قد يشبه تمامًا أدوات تصميم الصور الثابتة والمتحركة في الوقت الحالي.
وتختلف تلك الأدوات فيما بينها بشكل طفيف للغاية؛ إذ تعتمد الفكرة الأساسية لعملية إنتاج أي صورة بواسطة الذكاء الاصطناعي على جودة إدخال البيانات إلى الأداة، والتي بدورها تقوم بتحويلها إلى صور مصممة بواسطتها دون أي تدخل بشري في التنفيذ.
وتبدو العملية في ظاهرها سهلة إذا ما قورنت بتصميم صورة عبر برنامج «فوتشوب» مثلًا، لكن الصعوبة تظهر جلية في دقة صياغة البيانات المدخلة إلى الأداة، والتي قد لا تفهمها بشكل كامل، أو تعجز عن ترجمتها في شكل صورة تحمل كل تفاصيلها.
وتعد أدوات مثل: «DALL·E 2»، و«Midjourney»، و«DreamStudio» هي الأكثر جودة وشهرة في ذلك المجال حتى الآن، حيث تتباين طرق الاستخدام، وخطط الأسعار، إلى جانب عدد مرات الاستخدام مجانًا بشكل طفيف أيضًا.
كيف تنجو من الفبركة؟
لا شك أن التساؤل السابق هو الذي يتبادر إلى ذهنك في الوقت الحالي؛ لذا فإن الإجابة عليه يمكن إيجازها في عدد من الخطوات البسيطة، والتي عادة ما تقودك إلى التعرف مبكرًا على حقيقة الصور المتداولة أمامك.
مراجعة الأخبار: في تلك الخطوة نستهدف البحث في الأخبار المنشورة عبر المصادر الموثوق فيها والأصيلة، بهدف التأكد من سياق الصور المتداولة، وحقيقة الادعاءات نفسها، والتي عادة ما تكون مصاحبة للصور، إلى جانب إمكانية العثور على تقرير يفند تلك الصور.
البحث عن المصدر: وهنا نستهدف بشكل أساسي، البحث عن المصدر الأول الذي نشر الصور، وذلك بهدف الإلمام بحيثيات النشر، فقد تكون على سبيل المرح والدعابة، أو التضليل المتعمد، أو مسابقة بين الحسابات المهتمة بإنتاج الصور بتلك التقنيات وغيرها.
البحث عن العلامة المائية: أحيانًا تضع الأدوات، خاصة النسخ المجانية منها، علامة مائية لها على الصورة المنتجة بواسطتها؛ الأمر الذي سيسهل كثيرًا التعرف على حقيقة الصور، لكن هذا لا يعد شائعًا في كل الحالات.
التدقيق في الصور: ويقصد في تلك الخطوة، هو فحص الصور بشكل دقيق بغرض البحث عن أي تشوهات خلقية في أجسام الأشخاص الموجودة، والتي عادة ما تظهرها أدوات الذكاء الاصطناعي في الأطراف والأصابع، إلى جانب الوجه أيضًا.
لا يفل التقنية إلا التقنية
على جانب آخر، تحول التطور الهائل لتقنيات إنتاج الصور لحاجة مُلحة؛ أجبرت عددًا من الشركات الصغيرة، إلى جانب كبرى شركات التقنية على إنتاج أدوات أخرى متخصصة فقط في التعرف على الصور المضللة، وتوضيح سياقاتها المختلفة، إلى جانب الأداة المنتجة بها أيضًا.
وتُعد أدوات مثل: «hugging face» و«optic» و«hive moderation»، والتي تعتمد فكرتها الأولية على إدخال الصورة المراد التحقق منها، ومن ثم تقوم الأداة بتحليلها آليًّا وإعطاء النتيجة بشكل فوري حول ما إذا كانت حقيقية أم منتجة بالذكاء الاصطناعي.
وانتقلت الفكرة إلى شركة جوجل في مؤتمرها السنوي الخاص بالمطورين في مارس الماضي، والتي أعلنت عن اعتزامها إطلاق أداة جديدة، متخصصة فقط في التعرف على الصور المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث تقدم للمستخدم تحليلًا شاملًا حول الصورة ومصدرها.
وستشمل الأداة معلومات حول وقت فهرسة الصورة لأول مرة بواسطة جوجل، ومكان ظهورها لأول مرة على الإنترنت، والأماكن الأخرى التي ظهرت فيها بعد ذلك، حسبما قالت الشركة في منشور لها عبر مدونتها.
وتعد تلك الخطوة بمثابة التحول في الصناعة، إذ تمتلك جوجل أيضًا أداة «Google AI Vision»، والتي تستخدم في عمليات البحث العسكي للصور بشكل عام أيضًا، حيث تنافسها في تلك المنطقة عدد من الشركات الأخرى أبرزها: أمازون وآي إم بي.
ختامًا، فإن مجال إنتاج الصور بالذكاء الاصطناعي يبدو في ظاهره بعيدًا عن صراعات كبرى شركات التقنية حتى الآن، إلا أن عملية التحقق من تلك الصور من الممكن أن تكون نقطة انطلاق لصراع جديد بين تلك المؤسسات، وهو ما سيصب في مصلحة المستخدم في النهاية.
