رواية.. فتاة يائسة (الجزء الثامن)

وعندما دخلت سوسن الى منزل امها ..شعرت ان الدنيا سوداء قاحلة امام ناظريها.. وبدأت ترثيها بكلمات حزينة جدا يتفتت الصخر لسماعها ..ومعظم الحاضرون بكوا بحرقة على الأم وابنتها ..الا انها وفي خضم تلك المشاعر المتوترة ..سمعت بعض النساء يتحدثن :اليست هذه ابنتها الوحيدة وقد تطلقت واصبحت ارملة وهي الآن متزوجة من رجل عجوز.. لكنه ثري

فاجابت احداهن :بلى هي ..ماذا تنتظرين من فتاة مثلها ان تفعل ..لو كنت مكانها لما تزوجت مرة ثانية ..ولبقيت مع طفلي وربيته.. مالي والزواج ..

فغصت سوسن من تلك الكلمات ..وقالت لنفسها: تبا لهذا المجتمع ..فعلا لا احد يعرف ما في قلب الآخر ..اين انا من حزني على فراق امي ..وحزني لحظي البائس الذي تلبسني ..آه ما ابقاني عند ذلك العجوز الا تلك الالسن ..ساعدني يا الله ..

وبعد ان انتهى العزاء.. جاء رامز مباشرة الى منزل اهل سوسن حتى يعيدها الى منزله.. فقالت له بصوت حزين: دعني انم هذه الليلة هنا واودع رائحة امي ..

قالت رامز غاضبا: ماذا هل تظنين انني غبي لهذه الدرجة حتى اتركك تنامين وحدك في هذا المنزل ..

قالت له: لا تقلق بشاني انا لا اخاف من النوم وحيدة ..عدة ساعات وستمضي ..لكني مشتاقة لامي ..ليتني رايتها قبل مماتها ..

فضحك رامز مستنكرا: ومن قال انني اخشى عليك من الوحدة ..بل اخشى على نفسي من الخيانة

قالت له: ماذا تقصد اتتهمني بشرفي ايها العجوز البائس ..لا اسمح لك ..هل فهمت لقد تقبلت منك كل شيئ ..الا الشرف لن اسمح لك بهذا ..

فقال لها: حقا لقد اضحكت الثكلى بكلامك ..لن ازيد جرعة كلامي ..لا انصحك بهذا..

قالت له: اسمعني ..انا لم اعد اريدك ..فجسدي لا يتحمل ضربات سوطك ..وقلبي لا يتحمل اهاناتك ..وعقلي غاب عني حين تزوجتك ..

فقال لها :تريدين ان تتطلقي لتتزوجي بجابر اليس كذلك

قالت له: ومن جابر هذا

قال لها: لقد رايتكما معا في الصالة فهل اكذب عيوني ..

قالت له: طلقني ..لن ادافع عن نفسي ولا اريد منك اي شيئ الا الطلاق ..

فابتسم وقال : دعي ضربي لك يودعك ..وبعدها ساطلقك…

ثم بدأ بضربها.. وصرخت باعلى صوتها ..وفي هذه الاثناء دخل اخوها ..فقال له: اتضرب اختي في منزلها ايها العجوز ..

فنظر اليه بغضب وقال له: ساتركها لك ..وغدا ستصلها ورقة الطلاق ..

قال له: طلقها لا يهم ..فانا لم ازوجك دمية تتلاعب بها كيفما تشاء..

وفرحت سوسن من موقف اخيها وشكرته على ذلك ..واخبرته عن معاناتها معه ..فتعاطف معها ..وقال لها: لا تقلقي يا اختي ..فرحمة الله واسعة ..

قالت له: قد تسمع كلاما من الناس :اختك تزوجت ثلاثة مرات وما شابه ..

قال لها: اعلم هذا ..ولا يهمني كلام الناس ..انا آسف لاني كنت السبب في زواجك الثالث …

وبعد عدة ايام تطلقت سوسن ..وشعرت ان عبئا ثقيلا كان يسيطر على قلبها وقد ارتاحت منه ..واضطرت ان تعيش مع اخيها في المنزل ذاته ..حيث قام بتأجير منزل والدته ليستفيد منه ..وكانت زوجة اخيها دائما تختلق المشاكل ..وتحاول ازعاجها بشتى الوسائل ..وذات يوم ارسل لها طليقها ابنها كي تراه .فقالت زوجة اخيها :انا لا احب زيارة الأطفال ..فارجو ان تخبري طليقك الا يرسله اليك مرة اخرى ..

فقالت سوسن :ولكن من حقي ان اراه ولا اظنه يسبب ازعاجا لاحد

قالت زوجة اخيها :يكفي صوته الذي يملأ ارجاء المكان ..فرأسي يؤلمني جدا ..

فما كان منها الا ان اخذت طفلها الى الحديقة العامة لتتمشى قليلا ..وهناك بدأت الذكريات السيئة تجتاح ذهنها ..فاحتضنت طفلها بين يديها بقوة وقالت :حتى انت يا صغيري لا يحق لي رؤيتك كما ينبغي ..اقسم اني لم ارد ان اتركك ..ولكن الظروف شاءت ذلك ..

فنظر اليها طفلها وهو ابن الثلاث سنوات وقال لها: حببك ماماا …

واشار اليها الى الارجوحة حتى تلاعبه بها . فقالت له: لو طلبت عيوني لاعطيتك اياها ..تعال الى هنا ايها البطل ..

ثم حملته بين ذراعيها… ووضعته على الارجوحة وبدأت تلاعبه ..فوقع ارضا ..ولم تعرف المسكينة ماذا تفعل وماذا ستقول لوالده ..فهو بلا شك سوف يحرمها من رؤيته بتهمة انها لم. تنتبه اليه ..مااقسى هذا القدر الذي يجعل اما لا تمون على ولدها وتخشى من خسارته ان تعرض للأذى بدون قصد مع انها الأحن عليه في العالم كله ..

وقد شعرت بالارتباك ..فسمعت صوتا يناديها :يا سيدة لا تقلقي ..لم يحصل اي شيئ صعب ..انا ساسعفه ..لدي في سيارتي محفظة الاسعافات الأوليه..

يتبع..