قصص و روايات

رواية.. ليلى (الجزء الثالث)

نطق الآخر باستمتاع :

آه ، لقد انتقلنا لمستوى مرتفع الآن ،للأسف لم تأتي للشخص الصحيح فأنا لا أعرف شيئا عنها ،هم حذرين للغاية و لا يثقون في أحد إلا و لديهم جميع فضائحه و أسراره و إن كانت لديهم بذرة شك نحوه يقومون بتصفيته على الفور ،قد تجدينها عند الشخص الذي أخجل من مناداته والدي .

حينها ظهر ظل ابتسامة على شفتاي و قلت بهدوء :

يبدو أن الخبر لم يصلك بعد ،على أي حال سأجدها بطريقتي الخاصة ، و يبدو أنك لا تعرف شيئا جديدا عنهم، و هذا ممل .

إذن سيد رافي سؤالي الأخير هل ما كان إسمه …آه تذكرت إيثان ..إيثان بوربون الشخص الذي جاء بك إلى هنا و دفع كافة المصاريف حليف أم عدو ؟

ماذا ترين يا آنسة ؟ بسؤالك هذا يبدو أنك تعرفت عليه .

أنا التي أسأل هنا أريد جوابا لا سؤالا أنت ..

فجأة انفتح الباب أنزلت الحقنة بسرعة و وضعتها في جيبي ،كان ظهري للباب مما سهل علي الأمر ،حينها التفت و قلت بنبرة غاضبة :

ما هذه الأخلاق هنا مستشفى محترم ،ألم تتعلم طرق الباب حين دخو.ل.. ك ، حينها نظرت إلى الدخيل و اتسعت حدقتا عيناي لولهة قبل أن ترجع لطبيعتها و ألعن نفسي على تسرعي ، قويت نفسي و اقتربت حتى بقي بضع مترات بيني و بينه و قلت :

ألم تتعلم طرق الباب و الاستئذان قبل الدخول لمكان ما أم أنك فقط عديم الأخلاق إيثان بوربون .

اقترب حتى أصبح أمامي مباشرة حينها تبين لي فرق طول و الضخامة بيننا لقد كان مضحكا حقا ثم همس في أذني باستفزاز :

لا لم أتعلم أية أخلاق ، هل ستعلمينها لي ليلى روميرو ،أم يجب أن أكون سعيدا لأنك لم تنسي إسمي ،حسنا هذا ثان لقاء لنا فهل أعتبره صدفة أم قدر لنا الإجتماع معا؟

نظرت في عينيه الخضراوتين مباشرة بثقة لم أعهدها في من قبل لأوصل له شيئا واحدا أنا لست خائفة منك و لن تهزني بكلماتك .

حينها تنهدت وتجاهلته تماما و استدرت في اتجاه رافي المستلقي لأبتسم له و أقول بنبرة هادئة :

سيد رافي أنت بخير الآن تبقت لك بضعة كسور في طور العلاج إن كنت تريد الخروج فلا بأس أستطيع أن أكتبه لك.. و كدت أنسى حديثنا لم ينتهي بعد سنكمله في وقت لاحق حسنا .

استقبلت منه ابتسامة مع هزة رأس و استأذنت للخروج ثم خبطت الباب ورائي .

بعد عشر دقائق و هي تسير في الممرات ،توقفت فجأة وضربت قبضة يدها على الحائط و لعنت حظها السيء للمرة الألف ثم قالت بنبرة غاضبة:

هذا الوقح ،حقا لا يفشل في إغضابي إنه مختل أريد قتله و التخلص منه لأرتاح .

أتاها صوت من الخلف بنبرة مستهزئة :

صبرا على أعصابك ستتلف على الحال ،و سيرتفع ضغطك ،تمالكي نفسك قليلا.

أغمضت الأخرى عينيها و أخذت شهيقا ثم التفتت إليه و اقتربت منه حتى بقي متر واحد يفصلها و نطقت بتعب :

سيد إيثان أنا متعبة حقا و لا أريد أن أضيع طاقتي في خوض شجار معك لذلك إن كانت هناك خدمة قد أسديها إليك فلن أبخل عليك أما إن كنت تريد اللهو فالأفضل أن تبتعد عن طريقي

حسنا حسنا تمهلي ،ثم صمت قليلا و أردف:

لم تتغيري إطلاقا مازلت تلك الفتاة التي تحب أن توقع نفسها في المشاكل ولكن هذه المشكلة بالذات إن دخلت إليها لن تستطيعي الخروج منها إلا بتضحية كبيرة ولا أظن شخصا مثلك مستعد للتضحية بشخص ما.

تجاهلت ليلى كل ماقاله وركزت على “لم تتغيري إطلاقا ” ثم نطقت ببلاهة متسائلة:

هل إلتقينا من قبل ؟هل تعرفني ؟

اكتفى إيثان بالنظر إليها و قال بغموض :

إذهبي الآن فنحن سنلتقي في وقت قريب على أية حال ،حينها اسأليني ما تريدين .

و قبل حتى أن تستطيع النطق بحرف التفت و ذهب و تركها واقفة و في ذهنها العديد من الأسئلة .

نفظت كل شيء من ذهني و ركزت بما سأقوم به، و قلت لنفسي :

بينما أنا موجودة في العمل لأقم بدورية و أطمئن فيها على المرضى .

و هكذا فعلت حتى استوقفتني كاميليا المتعجبة :

دكتورة ليلى لم تخبريني أنك قادمة ألم تأخذي اليوم إجازة ؟

نعم لكني شعرت بالملل لذلك قلت لنفسي أن آتي لأرى كيف تسير الأوضاع ،لماذا؟ هل هناك مشكلة في قدومي؟

لا أبدا ،سعيدة بقدومك ، كنت سأتصل بك على أية حال.

ما الأمر ؟هل هناك مشكلة مع احد المرضى ؟

لا و لكن مؤخرا نحن الممرضين و حتى الأطباء لاحظنا كثرة الحالات من نوع واحد ،أشخاص يأتون من أجل نزلات البرد أو ألم في المعدة لذلك ارتأينا إخبارك، من يعلم، يبدأ كل شيء خطير من شيء بسيط .

حسنا معك حق لقد رأيت ذلك بعيني طوال هذه الأيام، إذن شغلوا بروتوكول الحماية عقموا كل شيء و وزعوا الكمامات على كل شخص أشك من أنها قد تكون موجة جديدة من كورونا، نحتاج التأكد و لكن لنقم باحتياطاتنا، أنا سأرجع للمنزل الآن لقد تأخرت و عند إنتهاء إجازتي سأعمل جيدا على الموضوع ،اتفقنا .

كما ترين دكتورة .

انتهى الكلام مع كاميليا على هذا النحو ، دخلت مكتبي نزعت مئزري و أرجعت الحقنة لمكانها الصحيح ، التقطت حقيبتي و انطلقت في طريقي حتى وصلت لسيارتي العزيزة بعد أن أخذت المفتاح من الحارس

و انطلقت على الفور ولكن هذه المرة في سرعة محدودة ،

جال في ذهني فجأة ذلك المتعجرف إيثان بوربون ،

لقد سمعت إسمه من قبل لكني لم أهتم و لكن الآن بعد أن قمت ببحث عنه تعجبت منه ،الرائد في مجال الأعمال و رئيس عائلته ذلك الشخص البارد و القوي و الذي لا يدخل لأي استثمار وإلا وهو متأكد من أنه سينجح

لهذا يسمى بملك الاقتصاد لأنه هو الذي يسيره و يسيطر عليه ،لندن بأكملها تحت تصرفه فهو يمتلك أكبر مطار فيها مطار هيثرو الذي يعتبر ثالث أكثر مطارات العالم إزدحاماً من ناحية حركة المسافرين..

يعني أن السياحة تمر بأكملها من تحت يده ، لم تكن عائلته بهذه القوة حتى و إن كانت عائلة عريقة نحتت اسمها منذ الأزل لكن عندما أخذ الزعامة وأصبح رئيس عائلته حقق إنجازات عظيمة ساعدت كل من الدولة و عائلته في تركيز قوتها و مكانتها.

ابتسمت ليلى باستهزاء وهي تفكر بتصرفاته التي تعاكس شخصيته مع أنه شخص جيد و الكل يشكر في أخلاقه وعمله الجاد إلا أنها كانت تشعر بأنه شخص خطير من واجبها الابتعاد عنه ،

كمجرم متخفي خلف الأقنعة هكذا كانت تراه ، فإحساسها لا يخطئ فهو شيء ورثته من والدها و خصوصا إن كان الشخص سيئا .

إستيقظت ليلى من أفكارها و هي توقف سيارتها أمام منزلها ، و بمجرد فتحها الباب لاح لها شبح فتاة تنتظرها أمام الباب عرفتها على الفور فملامح الغضب الظاهرة على وجهها أكدت ان ما تراه صحيح حينها نطقت ليلى بهمس :

لقد بدأنا من جديد .

ليلى أين كنت هل تعرفين كم اتصلت بك اليوم ،لم تدعني لينا أكمل أعمالي و ظلت طوال اليوم تسأل عنك أتعلمين كم كان من الصعب تهدئتها لقد نامت بعد أن تعبت من البكاء ،ماذا حدث ؟أجبيني لماذا لم تردي على مكالماتي ؟

اكتفت الأخرى بقلب عينيها بملل و قالت بكل هدوء أشبه بهدوء ماقبل العاصفة :

انتهيت؟ كان لدي عمل انشغلت به لهذا لم أرى مكالماتك و فور انتهائي عدت للمنزل هذا كل ما في الأمر.

حسنا هل تعتقدين أنني قد أصدق مثل هذا العذر الغبي أعطني سببا واحدا لأنك بالفعل ..

قاطعتها ليلى بكلمة واحدة جعلتها تتجمد في مكانها:

لقد عادوا ، سيبدأ وقت الجد قريبا لهذا أنت ولينا ستغادران بريطانيا في أقرب وقت .

ذهبت وتركت روينا مازالت تحاول استيعاب ما قالته، و تدرك جيدا أنها لن تدع هذا الأمر يمر على خير ، ولكن عليها حمايتها هي ولينا، فهما من تبقى لها ،هذه معركتها هي لا غير.

استفاقت من شرودها و هي تفتح تلك الغرفة التي جدرانها معلقة عليها كل الأخبار المهمة للسنوات الأخيرة وفي وسطها توجد صورة معلقة لإيثان بوربون و عليها دائرة بالأحمر ،اقتربت منها وقالت :

يا ترى ما هي هويتك الأصلية أيها الغامض .

هكذا كانت تراه، شخص غامض يخفي أكثر مما يظهر ، لقد كان شخصا وسيما بعينيه الزرقاوتين الباردتين التي و بمجرد النظر إليها تحس كأنه يقرأ أفكارك و يدخل أعماقك، شعره البني الغامق، ملامحه الهادئة الغير مبالية بأي شيء و ضخامته التي تبرز عضلات جسده .

حولت نظري من صورته إلى تلك الصورة الكبرى للفراشة السوداء تحتها خط أشبه بظل و قلت بحقد :

هل حان وقت الحساب ، لقد فهمت لعبتكم الوسخة الآن

و لن أرحمكم حين ألقاكم، أيتها الفراشة السوداء تذكري أنني أبدا لن أهدأ و سأظل ألاحقكم إلى أن أرجع حق الدماء التي لا تزال تسيل على الأرض .

و أخذتها ذاكرتها لما حدث قبل سبع سنوات و امتلأت عينيها بالدموع ، تنهدت و خرجت من الغرفة تغلق الباب ورائها و هي تقسم على أخذ ثأرها منهم و تنتقم لأحبائها.

اترك تعليقاً

انت تستخدم اداة مانع الاعلانات

لتستطيع تصفح الموقع بسهولة من فضلك اغلق اداة مانع الاعلانات